ما هو تاريخ الذكاء الاصطناعي؟ من تورينج إلى التعلم العميق
هل تتخيل أن ما وصلنا إليه اليوم من تطورات علمية رهيبة في مجال الذكاء الاصطناعي بدأ بفكرة!!. لقد كان الإنسان يحلم دائماً بإنشاء آلات تتصرف بذكاء مماثل لهُ، وها هو تحقق ذلك الحلم بوصول تقنية الذكاء الاصطناعي إلى ما وصل إليه اليوم. يعود تاريخ الذكاء الاصطناعي إلى العديد من التطورات الرئيسية والمراحل الزمنية المهمة، بدءاً من مفهوم التورينج وصولاً إلى العصر الحديث لتقنية التعلم العميق.
في عام 1950، قدم العالم الرياضي والعالم الكمبيوتري البريطاني ألان تورينج فكرة اختبار تورينج للذكاء الاصطناعي. ومع تقدم التكنولوجيا وزيادة قدرة الحواسيب والبيانات المتاحة، بدأت تقنية التعلم الآلي تأخذ مكانها كواحدة من أهم فروع الذكاء الاصطناعي. وصولا إلى العصر الحديث، ظهر مفهوم التعلم العميق داخل مجال الذكاء الاصطناعي، تابع معنا هذا المقال لتعرف أكثر حول مراحل تطبيق الذكاء الاصطناعي.
جدول المحتويات
البداية: من آلان تورينج

تم إنجاز أول عمل جوهري في مجال الذكاء الاصطناعي في منتصف القرن العشرين على يد عالم المنطق ورائد الكمبيوتر البريطاني آلان تورينج الذي يعدّ من الشخصيات البارزة في تاريخ الذكاء الاصطناعي. في عام 1935، وصف تورينج آلة حوسبة مجردة تتكون من ذاكرة لا حدود لها وماسح ضوئي يتحرك ذهابًا وإيابًا عبر الذاكرة، رمزًا برمز، ويقرأ ما يجده ويكتب المزيد من الرموز.
من المحتمل جدًا أن يكون تورينج قد ألقى أول محاضرة عامة (لندن، 1947) لذكر ذكاء الكمبيوتر، قائلاً: “ما نريده هو آلة يمكنها التعلم من التجربة”، وأن “إمكانية السماح للآلة بتغيير تعليماتها الخاصة توفر الآلية لهذا.” وفي عام 1948، قدم العديد من المفاهيم الأساسية للذكاء الاصطناعي في تقرير بعنوان “الآلات الذكية”. [1]
لقد تلا تورينج العالم ألين نيويل الذي امتدت مسيرته المهنية إلى عصر ازدهار الكمبيوتر بأكمله (الذي بدأ في الخمسينيات). أصبح معروفًا عالميًا بعمله في نظرية الإدراك البشري وبرامج الكمبيوتر وأنظمة الأجهزة لمعالجة المعلومات المعقدة. ثم تلاه جون مكارثي وبعده جاء العالم مارفن مينسكي وتلاه العالم جورج هيتون ثم فيون ليكوون وغيرهم الكثيرين من العلماء الذين سطّروا تاريخ التكنولوجيا. [2]
الأبحاث الأولى
في بداية ظهور مفهوم الذكاء الاصطناعي، تمت دراسة وإجراء الأبحاث الأولى في هذا المجال في النصف الثاني من القرن العشرين. تعتبر هذه الفترة هي بداية تاريخ الذكاء الاصطناعي كمجال بحث مستقل. من أبرز الأبحاث والتطورات الأولى في مجال الذكاء الاصطناعي: [3]
1. تورينج واختبار التورينج (1950): في عام 1950، قدم العالم الرياضي والعالم الكمبيوتري البريطاني ألان تورينج مفهوم اختبار التورينج للذكاء الاصطناعي أو يسمى “لعبة التقليد”، الذي يهدف إلى تحديد ما إذا كان الجهاز يمكنه تقليد سلوك الإنسان بما يكفي ليتم اعتباره ذكاءً.
2. منطق القواعد والتفكير المنطقي (1950-1960): خلال هذه الفترة، ركزت الأبحاث على استخدام منطق القواعد والتفكير المنطقي في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي للتفاعل مع المعلومات واتخاذ القرارات والتعلم الآلي ومن أهم من عمل بها هو آرثر صموئيل.
3. أول روبوت (1961): بدأ أول روبوت صناعي Unimate العمل على خط تجميع في شركة جنرال موتورز في نيوجيرسي، وكان مكلفًا بنقل أغلفة القوالب وأجزاء اللحام في السيارات (الأمر الذي كان يعتبر خطيرًا جدًا على البشر).
4. أول جمعية للذكاء الاصطناعي (1979): تأسست الجمعية الأمريكية للذكاء الاصطناعي والتي تعرف الآن باسم جمعية تقدم الذكاء الاصطناعي (AAAI).
تلك الأبحاث والتطورات الأولية تمثل بداية تاريخ الذكاء الاصطناعي كمجال بحث مستقل وكانت أساساً للتطورات والابتكارات اللاحقة في هذا المجال. كان هذا النطاق الزمني هو الوقت الذي وصل فيه الاهتمام بالذكاء الاصطناعي إلى ذروته. نشر آلان تورينج عمله “آلات الكمبيوتر والذكاء” والذي أصبح في النهاية اختبار تورينج، والذي استخدمه الخبراء لقياس ذكاء الكمبيوتر. تمت صياغة مصطلح “الذكاء الاصطناعي” ودخل حيز الاستخدام على نطاق واسع.
التطورات الرئيسية في تاريخ الذكاء الاصطناعي

في الخمسينيات من القرن الماضي، بعد انتصارات تورينج المذهلة في مجال الحوسبة على دول المحور في الحرب العالمية الثانية، بدأ العلماء في التفكير فيما إذا كان من الممكن إنشاء “دماغ اصطناعي في جرة”. ظهرت مدرستان فيما يتعلق بكيفية تحقيق الذكاء الآلي: [4]
- نهج “الذكاء الاصطناعي الرمزي” الذي سعى إلى إعادة إنشاء الطريقة التي يعمل بها العقل البشري. سعت الأطراف إلى إعادة إنشاء أنظمة شبيهة بالإنسان من العمليات المنطقية والدلالات داخل لغة الكمبيوتر.
- النهج الاتصالي الذي سعى إلى إنشاء شبكات عصبية اصطناعية تتصرف بشكل مشابه لشبكات الخلايا العصبية في الدماغ.
- وفي عام 1956، عُقدت ورشة عمل حول الذكاء الاصطناعي، وتم تأسيس مجال الذكاء الاصطناعي رسميًا باعتباره تخصصًا أكاديميًا. وقد تبين أن أجهزة الكمبيوتر من ورشة العمل قادرة على حل مسائل الجبر اللفظية، وتعلم اللغة الإنجليزية، ولعب لعبة الداما، والمزيد – وكانت النتائج مذهلة للجمهور الحديث في ذلك الوقت.
الذكاء الاصطناعي في الثمانينات
لقد عانى الذكاء الاصطناعي في هذه الفترة من بعض الصعوبات التي عرقلت حركة تطوّره، سنوضح أبرز الأمور التي تتعلق بتاريخ الذكاء الاصطناعي في تلك الفترة: [4]
- في الثمانينات، تطورت تقنيات الكمبيوتر بشكل ملحوظ. أحد مجالات التقدم كان في “الأنظمة المتخصصة”. الأنظمة الخبيرة هي برامج كمبيوتر مصممة لتقليد عملية التفكير والمنطق وصنع القرار للخبراء البشريين الحقيقيين.
- بحلول منتصف الثمانينيات، أصبحت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي صناعة تبلغ قيمتها مليار دولار. أدت جهود الحكومة اليابانية لإنتاج حاسوب عملاق يعمل بالذكاء الاصطناعي بقيمة 850 مليون دولار إلى إحياء التمويل الحكومي العالمي لأبحاث الذكاء الاصطناعي.
- في أواخر الثمانينيات أعرب باحثو الذكاء الاصطناعي والروبوتات عن انتقاداتهم للنهج الرمزي السائد في تطوير الذكاء الاصطناعي. أدى التقدم في علم الأعصاب البشري وعلم النفس المعرفي إلى إحياء الاهتمام بالنهج الاتصالي للذكاء الاصطناعي. أدى هذا التحول في التركيز إلى إنشاء العديد من أدوات “الحوسبة الناعمة” المهمة، مثل الشبكات العصبية، وأنظمة المنطق الغامض، والخوارزميات التطورية.
- بحلول أواخر التسعينيات، أصبح الذكاء الاصطناعي مرة أخرى هو حسناء الكرة التكنولوجية، وبحلول الألفية، أصبحت الأنظمة التي تنتجها أبحاث الذكاء الاصطناعي تستخدم على نطاق واسع في الحوسبة.
عودة الذكاء الاصطناعي في الألفية
في بداية الألفية الجديدة، شهد تاريخ الذكاء الاصطناعي تطوراً كبيراً وتحولات ملحوظة، وقد شهدت هذه الفترة عدة تطورات وابتكارات مهمة في مجال الذكاء الاصطناعي، من بينها: [5]
- تقدم في تقنيات التعلم العميق: تطور تقنيات التعلم العميق بشكل كبير، مما ساهم في تحسين أداء النماذج الذكية وزيادة قدرتها على استخراج المعرفة من البيانات.
- تقدم في تطوير الروبوتات الذكية: شهدت الروبوتات والأنظمة الذكية تطورًا كبيرًا، مما أدى إلى توسيع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل الطب والتعليم.
- تطور في تقنيات معالجة البيانات الضخمة: تم تطوير تقنيات معالجة البيانات الضخمة وتحليلها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما ساهم في استخدام البيانات بشكل أكثر فعالية.
- زيادة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتجاري: شهدت الألفية الجديدة زيادة كبيرة في الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي من قبل الشركات والحكومات والمؤسسات البحثية.
الأسئلة الشائعة حول تاريخ الذكاء الاصطناعي:
يكثر التساؤل حول تاريخ الذكاء الاصطناعي نظراً لأهميته البالغة في يومنا هذا، لذلك هذه أكثر الأسئلة شيوعاً حوله:
متى ظهرت تقنية الذكاء الاصطناعي؟
عام 1950: آلان تورينج قدم اختبار تورينج للذكاء الاصطناعي وساهم في وضع أسس لفهم الذكاء الاصطناعي واختباره.
متى بدأ استخدام الذكاء الاصطناعي؟
في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، حيث تم تحديد مفهوم “الذكاء الاصطناعي” لأول مرة في عام 1956 خلال مؤتمر “دارتموث” في الولايات المتحدة.
في الختام، يُعتبر تاريخ الذكاء الاصطناعي مثيراً ومليئاً بالتطورات والابتكارات التي شهدتها هذه التقنية على مر العقود. ومع استمرار تقدم التكنولوجيا والبحوث في مجال الذكاء الاصطناعي، يبدو أن المستقبل سيشهد مزيدًا من التقدم والابتكارات التي ستؤثر بشكل كبير على حياتنا وعلى مختلف الصناعات والمجالات. إن الذكاء الاصطناعي يمثل تحدي كبير وفرصة رائعة للابتكار والتطوير، ويعد ركيزة أساسية لعالم مستقبلي متقدم ومتطور.