الذكاء الاصطناعي المتكيف: كيف تتعلم الأنظمة من تجاربها لتقدم حلولاً مخصصة؟
يسيطر الذكاء الاصطناعي المتكيف على ساحة التكنولوجيا العالمية بسبب طبيعته المرنة ومهاراته العظيمة، كما يتسلل بمرور الوقت إلى مجالات جديدة ومطلوبة في حياة كل فرد على هذا الكوكب، فمن الصناعة إلى التجارة والتعليم يترسخ وجوده بقوة هائلة.
وبناء على أهميته وتردد المصطلح بشدة بين العامة، يطرح المستخدمون مجموعة استفسارات: ما هو الذكاء التكيفي؟ وكيف يتعلم وحده من تجاربه؟ وما التطبيقات العملية المنتشرة؟ وما أهم فوائده للبشرية؟ وأخيراً، ما التحديات التي يواجهها خلال مسيرة تطوره؟
جدول المحتويات
ما هو الذكاء الاصطناعي المتكيف؟
الذكاء الاصطناعي التكيفي Artificial Intelligence Adaptive هو أحد أشكال الذكاء الاصطناعي الذي يعتمد مبدأ التعلم والتكيف مع المتغيرات أياً كان نوعها وبالتالي يقوم بتعديل سلوكه بناءً على التجارب، وينتج عن هذه التعديلات ظهور نتائج محسنة بدون الحاجة إلى تدخل بشري. وعلى النقيض، يوجد الذكاء الاصطناعي التقليدي الذي يعمل وفق معايير وخوارزميات ثابتة، وهكذا إن حدوث أي انزياح مفاجئ سوف يؤدي إلى فشله [1] [2].
الذكاء الاصطناعي التكيفي | الذكاء الاصطناعي التقليدي | |
الاسم باللغة الانجليزية | Artificial Intelligence Adaptive | Artificial Intelligence |
يعمل وفق | مبدأ التعلم من التجربة | معايير ثابتة ومحددة مسبقاً |
التكيف | تعديل السلوك بناء على المتغيرات | تكيف محدود |
النتائج | نتائج محسنة | نتائج حسب الخوارزمية |
كيف تتعلم الأنظمة من تجاربها؟
يقوم الذكاء الاصطناعي المتكيف على مبدأ التعلم من الصفر لتحسين أدائه وتطوير عمله شيئاً فشيئاً، والأمر أشبه هنا بعملية تدريب الإنسان الذي يتعلم خطوة بخطوة. تتضمن عملية التعلم مجموعة خطوات، وهي: [3]
- جمع البيانات وإعدادها: تعد البيانات أساس عملية تعليم أنظمة الذكاء الاصطناعي، لذلك يجب جمع البيانات عالية الجودة من مصادر موثوقة، وبعد ذلك البدء في معالجتها كي تصبح جاهزة للتدريب.
- اختيار النموذج والخوارزمية: يقع الاختيار على النموذج والخوارزمية بما يتناسب مع نوع المشكلة المراد تجاوزها، والبيانات المتاحة، ومستوى الأداء المنتظر.
- تدريب النموذج: هي مرحلة تزويد النظام بمجموعة البيانات، ثم مراقبة الأداء للتقليل من ارتكاب الأخطاء. تتكرر عملية التدريب مرات عديدة حتى الوصول للنتيجة المطلوبة.
- التحقق والاختبار: مع اقتراب عملية التعلم على الانتهاء، ينبغي اختبار أداء النظام بعد التدريب الأولي، ويُنفذ ذلك من خلال مراقبة عمله مع مجموعة بيانات جديدة.
التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي المتكيف
يستخدم الذكاء الاصطناعي المتكيف في مجالات متنوعة ومفيدة للبشرية، ويرتبط استخدامه بالحالات التي تتسم بالعشوائية أو التعقيد لأنه قابل للتكيف بمرونة مع جميع السيناريوهات المحتملة. فيما يلي أهم التطبيقات العمليات للذكاء الاصطناعي التكيفي: [4]
- مراقبة عمليات التصنيع: يستعمل في المصانع لمراقبة المرافق التي يصعب الوصول إليها وتفتيشها، كذلك تتولى أنظمة الذكاء الاصطناعي التكيفي مهمة اتخاذ الإجراءات بناءً على الأحداث المتغيرة.
- اكتشاف حالات الاحتيال: يستخدم في اكتشاف الشذوذ لأنه يمتلك قدرة هائلة على التكيف مع الظروف الجديدة مما يجعل الأنظمة أكثر دقة واستجابة عندما تتغير الأمور بشكل مفاجئ.
- قضايا التدريب والتعليم: يعتبر خياراً مثالياً لتطوير قطاع التعليم بسبب فوائده في تقييم استجابة المتعلم ومعرفة أساليب التعليم الأكثر فعالية لأنواع مختلفة من الطلاب.
- السيارات ذاتية القيادة: يدخل الذكاء الاصطناعي المتكيف في صناعتها لأنه جاهز للتفاعل بشكل فوري مع ظروف القيادة المتغيرة، حيث يحلل ما يلاحظه ثم يتخذ القرار بسرعة كبيرة.
- إنشاء الروبوتات الذكية: تلجأ شركات التكنولوجيا الكبرى إلى استعماله للحصول على روبوتات مستعدة لتخصيص ردود أفعالها حسب الموقف وتعديل سلوكها في التفاعل المستقبلي.
- قطاع الرعاية الصحية: يتشعب دوره داخل قطاع الصحة في 3 اتجاهات أساسية وهي: المراقبة الفعالة للمرضى والرعاية الوقائية واكتشاف الأدوية للأوبئة الجديدة والأمراض الخطيرة.
- سوق الأوراق المالية: ينخرط في عالم الاستثمار والتجارة العالمية بسبب مهارته في التقاط الإشارات من الأسواق المالية والتفاعل السريع مع جميع التطورات غير المتوقعة.
فوائد الذكاء الاصطناعي المتكيف
تتمتع أنظمة الذكاء الاصطناعي المتكيفة بمكانة رفيعة على مستوى العالم، وذلك كله عائد إلى ما تقدّمه للبشرية من فوائد عظيمة في مختلف المجالات. تشمل فوائده ما يلي: [1]
- تحسين الكفاءة التشغيلية: يعتبر السبب الأول وراء تحسين الأداء سواء في المهام اليومية البسيطة أو في الصناعات الضخمة، فهو جاهز للتعرف على الأنماط بسرعة والتنبؤ بالنتائج وتقليل الأخطاء وتسريع عمليات اتخاذ القرار.
- تقديم حلول مخصصة: يساعد على تخصيص الحلول في عالم التسوق وصناعة المحتوى وتقديم الخدمات، ويعتمد لتحقيق ذلك على ما يمتلكه من مهارات متنوعة في التحليل والمراقبة.
- تحسين تجربة المستخدم: يستطيع فهم احتياجات المستخدمين وتحليل سلوكهم بدقة عالية، وهذا ما يؤدي إلى خلق تجارب مستخدم أكثر انسيابية وجاذبية وفعالية.
- صنع قرارات أفضل: تساعد صفات المرونة والتكيف الموجودة فيه على صنع قرارات مستنيرة وأكثر استراتيجية بما يتوافق مع الاتجاهات والأنماط الجديدة.
التحديات التي تواجه الأنظمة المتكيفة
وصل حجم سوق الذكاء الاصطناعي المتكيف إلى 736.5 مليون دولار أمريكي في عام 2022، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل 42.6% من عام 2023 إلى 2030 [5]. وعلى الرغم من ذلك، تواجه الأنظمة المتكيفة مجموعة تحديات ضخمة، ومن أهمها: [6]
- جودة البيانات وتوافرها: يحتاج تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التكيفي إلى اختيار بيانات عالية الجودة لأن استخدام البيانات الرديئة يؤدي إلى ظهور التحيز وانخفاض الأداء.
- إيجاد مطورين ماهرين: يعاني أصحاب المشاريع الراغبين في دمجه ضمن مسار أعمالهم من صعوبة العثور على مطوري ذكاء اصطناعي ماهرين ولديهم خبرات واسعة في هذا المجال.
- مخاطر الأمن والخصوصية: تواجه أنظمة الذكاء الاصطناعي تحديات كبرى فيما يخص إدارة مخاطر الأمن، ولاسيما بوجود خروقات البيانات والهجمات الإلكترونية.
وفي الختام يمكن القول: ما زال الذكاء الاصطناعي المتكيف عالقاً في متاهة معقدة بين الفوائد والتحديات، وعلى الرغم من ذلك لا تتوقف تطبيقاته العملية وتحديثاته الجديدة عن الظهور بين الحين والآخر على أرض الواقع لكي تثبت أن الاستغناء عنه أمر مستحيل التحقق.