التنافس بين الدول الكبرى في سباق الذكاء الاصطناعي
أصبح سباق الذكاء الاصطناعي بين الدول الكبرى واحداً من أهم المنافسات التكنولوجية في العصر الحديث، حيث تسعى الدول إلى تعزيز قدراتها في هذا المجال لتحقيق التفوق الاقتصادي والاجتماعي ويعتبر الذكاء الاصطناعي من الأدوات الحاسمة التي ستحدد مستقبل الابتكار، النمو، والهيمنة التكنولوجية في السنوات القادمة.
جدول المحتويات
ما هي الدولة الأكثر تقدماً في مجال الذكاء الاصطناعي؟
حالياً، تتصدر الولايات المتحدة والصين هذا السباق، ولا تزال الولايات المتحدة الدولة الأكثر تقدمًا في الذكاء الاصطناعي بفضل مؤسسات مثل MIT وStanford وشركات تكنولوجية كبرى مثل Google وMicrosoft، التي تستثمر مليارات الدولارات في الأبحاث.
تتميز الولايات المتحدة بقدرتها على دمج المشاريع الخاصة بالبحث الأكاديمي والاستفادة من التمويل الحكومي لتعزيز ريادتها في الذكاء الاصطناعي ويُعد قانون “مبادرة الذكاء الاصطناعي الوطني” لعام 2020 مثالاً بارزاً يوضح التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على مكانتها في مقدمة هذا المجال بفضل بيئة ريادية قوية وشبكة من المواهب تواصل تعزيز قدرتها على الابتكار في الذكاء الاصطناعي ودعم تطوير التكنولوجيا على نطاق واسع.
في المقابل، تسعى الصين بشكل واضح لتصبح الدولة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي عالمياً بحلول عام 2030، تركز الدولة على زيادة الإنفاق على البحث والتطوير في هذا المجال، وبدأت جهودها تؤتي ثمارها بحلول عام 2023، حققت الصين تقدماً كبيراً، حيث استحوذت على 28% من الاستثمارات العالمية في الذكاء الاصطناعي وحصلت على 40% من براءات الاختراع المتعلقة به.
يعود هذا النجاح إلى الاستراتيجية الحكومية الموجهة، والتي تشمل سياسات مثل “خطة تطوير الذكاء الاصطناعي للجيل الجديد”، التي تهدف إلى تحويل الصين إلى القوة الأولى عالمياً في هذا المجال خلال عشر سنوات، كما تعمل الشركات الرائدة في الصين مثل Baidu وAlibaba وTencent على دمج وتطوير تقنيات متقدمة في الذكاء الاصطناعي [1].
ترتيب الدول العربية على سلم المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي
في سباق الذكاء الاصطناعي، تحتل المملكة العربية السعودية مكانة بارزة في ترتيب الدول العربية في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي حيث تستثمر في البنية التحتية وتطوير المهارات، وفقاً لتقرير “المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي” لعام 2024 الذي نشرته مؤسسة Tortoise Intelligence، احتلت السعودية المرتبة 14 عالمياً، وهي الأولى في العالم العربي كما يشير التقرير إلى تقدم المملكة بشكل ملحوظ بفضل استراتيجيات الحكومة السعودية في الذكاء الاصطناعي التي تركز على الابتكار وتبني خطط كبيرة لتوظيفهي في مختلف القطاعات كجزء من رؤية 2030، التي ساهمت في تحسين ترتيبها بـ17 مركزاً خلال فترة قصيرة.
دول أخرى مثل الإمارات تعمل أيضاً على تحسين بنيتها التحتية في هذا المجال، على سبيل المثال أطلقت الإمارات أول وزارة للذكاء الاصطناعي في العالم وتسعى لتكون مركزاً عالمياً لتطوير هذه التقنية كذلك [2]
التحديات والفرص في سباق الذكاء الاصطناعي بين الدول الكبرى
يواجه سباق الذكاء الاصطناعي العديد من التحديات، مثل التمويل، البحث والتطوير، والسياسات الحكومية، الولايات المتحدة والصين تستثمران بشكل ضخم في الذكاء الاصطناعي، لكن هناك قضايا تتعلق بالأخلاقيات، الخصوصية، واحتكار التكنولوجيا التي قد تعيق بعض التقدم.
في أوروبا، على الرغم من اهتمامها الكبير بالابتكار الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، تواجه قيوداً بسبب تشريعات حماية البيانات الصارمة.
في نفس الوقت، يشكل هذا السباق فرصة للدول الأخرى مثل الهند والاتحاد الأوروبي لتعزيز مكانتها في السوق العالمية من خلال الابتكار والتنظيم الفعّال، على سبيل المثال، تقدم الهند في مجال البحث عن حلول للذكاء الاصطناعي موجهة للرعاية الصحية والزراعة، بينما تسعى أوروبا إلى تنظيم الذكاء الاصطناعي بما يضمن الابتكار المسؤول والمستدام [3]
في ظل المنافسة المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، تظل هذه الدول الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي ومع استمرار الدول الأخرى في تحسين سياساتها وتطوير بنيتها التحتية، من المتوقع أن يشهد المستقبل مزيداً من المنافسة العالمية في هذا المجال، حيث سيتحدد التفوق التكنولوجي وفقاً للابتكار والتطورات المستقبلية في الذكاء الاصطناعي.