البيانات الطبية والذكاء الاصطناعي

التكنولوجيا الحديثة في الذكاء الاصطناعي: كيف تحول البيانات الطبية إلى حلول مبتكرة؟

التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقًا واسعة لتحسين الرعاية الصحية، ليس فقط من خلال توفير أدوات متطورة بل أيضًا بإعادة تشكيل الطريقة التي تُدار بها الخدمات الطبية. عندما يتم دمج تقنيات مثل التنقيب عن البيانات، تعلم الآلة، معالجة الصور، النماذج العميقة، وتحليل اللغات الطبيعية (NLP)، يمكننا أن نحصل على نظام صحي أكثر ذكاءً وكفاءة.

تحليل البيانات الطبية وتقديم الرعاية الشخصية

في المشاريع الطبية الخاصة برعاية مرضى القلب، يمكن جمع بيانات المرضى من أجهزة مراقبة ضغط الدم وغيرها من الفحوصات المخبرية، السجلات الطبية، وبيانات الاستشارات اليومية. بعد ذلك، يمكن استخدام أدوات استخراج البيانات ومعالجتها (ETL Tools) لتحويل هذه البيانات إلى شكل موحد يُمكن استخدامه في التحليلات، حيث يتم إدخال هذه البيانات في خوارزميات تعلم الآلة لاكتشاف الأنماط التي تُظهر العلاقة بين ارتفاع ضغط الدم والعوامل الأخرى مثل السمنة ونمط الحياة للمريض. مثل أن يساعد النظام في تحديد مجموعة من المرضى كانوا في خطر متزايد للإصابة بالسكتة الدماغية.

من خلال تحليل بياناتهم المؤرشفة، يمكن للأطباء من تصميم خطط علاج شخصية كلا حسب حالته، تتضمن على سبيل المثال، تغييرات في النظام الغذائي وتعديلات على الأدوية، الذي قد يؤدي إلى تقليل المخاطر بنسبة كبيرة.

معالجة الصور الطبية بطرق مبتكرة

البيانات الطبية والذكاء الاصطناعي

معالجة الصور ليست جديدة في المجال الطبي، لكنها أصبحت أكثر دقة بفضل تقنيات التعلم العميق. على سبيل المثال، في مشاريع تحليل صور الرنين المغناطيسي الدماغي، يمكن استخدام الشبكات العصبية الالتفافية (CNN) لتحديد المناطق المصابة بسكتات دماغية صغيرة قد لا تُرى بسهولة بالعين المجردة. النماذج العميقة لن تقوم فقط بالكشف عن تلك السكتات، بل قد تقدم أيضًا تقييمًا حول مدى تأثر الأنسجة المحيطة، ما يساعد الأطباء في اتخاذ قرارات علاجية أسرع وأكثر دقة. 

علاوة على ذلك، يمكن استخدام المُشفرات التلقائية (Autoencoders) لتحسين جودة الصور القديمة وتقليل التشويش الناتج عن الأجهزة القديمة، بينما تساعد شبكات التوليد التنافسية (GANs) في توليد صور اصطناعية تُحاكي الصور الحقيقية.

تحليل تجربة المرضى لتعزيز جودة الخدمات

في المستشفيات الحكومية والخاصة، تُعد تجربة المريض جزءًا أساسيًا من جودة الخدمة. لكن قياس هذه التجربة يمكن أن يكون تحديًا. باستخدام تقنيات معالجة اللغات الطبيعية (NLP)، أصبحت المستشفيات قادرة على تحليل آلاف التعليقات التي يتركها المرضى بعد تلقي الخدمات. 

على سبيل المثال، يمكن تحليل النصوص باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي مثل BERT، لمعرفة الشكاوى المتكررة (طول فترة الانتظار في المستشفى) بحيث يتم تصنيف هذه التعليقات إلى فئات محددة، مثل مشكلات الجدولة أو عدم وضوح التعليمات، ما يمكن الإدارة من اتخاذ إجراءات موجهة، الذي يؤدي مثلًا إلى تحسين نظام الحجز وتقليل وقت الانتظار بنسب كبيرة، ما يعزز رضا المرضى بشكل كبير.

دمج البيانات الطبية والتصور البياني لاتخاذ قرارات ذكية

البيانات الطبية والذكاء الاصطناعي

في المشاريع الوطنية لتحسين إدارة الأمراض المزمنة، يمكن إنشاء مستودع بيانات مركزي يحتوي على معلومات من عدة مستشفيات ومراكز طبية. وثم من خلال استخدام تقنيات التمثيل المرئي للبيانات، يمكن إنشاء لوحات تحكم تعرض الاتجاهات الصحية (زيادة انتشار مرض السكري بين فئة عمرية محددة أو ارتفاع حالات أمراض الجهاز التنفسي في مناطق معينة خلال فصل الشتاء).

قد تظهر هذه التحليلات، على سبيل المثال، ارتفاعات ملحوظة في حالات الربو عند المرضى خلال موسم معين، مما يدفع الجهات الصحية إلى إطلاق حملات توعية لتقليل التعرض للمحفزات البيئية. هذه الإجراءات الاستباقية قد تسهم في تقليل دخول المرضى إلى المستشفيات بنسب ملحوظة.

في النهاية، كيف تعمل هذه التقنيات معًا؟

السبب الذي يجعل هذه التقنيات فعالة هو تكاملها في نظام موحد. حيث تبدأ هذه العملية بجمع البيانات من مصادر متعددة، مثل الأجهزة الطبية، السجلات الصحية، أو حتى تقييمات المرضى. بعدها يتم تنظيف هذه البيانات وتحليلها باستخدام خوارزميات تعلم الآلة، بينما تُستخدم النماذج العميقة لتحليل الصور و استخراج أنماط مهمة (Patterns). وفي النهاية يتم استخدام نتائج هذه التحليلات لاتخاذ قرارات تعتمد على البيانات لتحسين جودة الرعاية والخدمات في القطاع الصحي.

الدكتور علي عبدالله الروضان

حاصل على درجة الدكتوراه في علوم الحاسوب من جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة
الدكتور علي عبدالله الروضان
أستاذ مشارك – الجامعة الأردنية

مقالات مشابهة